Papers On Palestine: Jewish History in Palestine
Hasan Yahya, Ph.ds
تاريخ اليهود في فلسطين د. حسن يحيى
تدل الاكتشافات الأثرية على ان اليهود نشأوا من امتداد الكنعانيين والقبائل الغازية للبلاد ما بين 1800 و1500 قبل الميلاد ، وهم شعب يسمى العبرانيون وهم ساميون تركوا موسوبوتوميا (أرض العراق قديما) واستوطنوا أرض كنعان ، بينما كان يقطن في البلاد قبائل سامية ومن الحتيين ومن الفلسطينيين، ويقال أن الفلسطينيين وهم رجال بحر ، جاؤا من اليونان من منطقة اسمها ميسينا التي كانت جزءا من اليونان القديم ، وما زال بعضهم يسكنونها ، وقد ذكر الإنجيل أن موسى قاد الإسرائيليين أو جزءا منهم خارجا من مصر ، وتحت قيادة جوشوا انتصروا على الكنعانيين ، واحتلوا أرض كنعان ، وتقول الكتب المقدسة أن داود احتل مدينة القدس حوالي سنة 1000 قبل الميلاد، وأنشأ فيها مملكة يهودية ، احتوت أجزاء من شرق الأردن ، وكانت المملكة مقسمة إلى جوديا في الجنوب وإسرائيل (السامرة) في الشمال ، وبقيت القدس تحت حكمهم في عهد ابن داود سليمان وبنوا فيها هيكل سليمان ، ويقال أنهم بقوا حتى سنة 133 بعد الميلاد. وهو أمر مشكوك فيه حيث أن الأشوريين احتلوا فلسطين في عام 722 أو 721 قبل الميلاد كما غلب عليهم البابليون حوالي 586 قبل الميلاد أيضا ، وحطموا هيكل سليمان في القدس ، ونفوا عددا كبيرا من اليهود ، وبعد خمسين عاما قام سايروس ملك فارس بقهر البابليين واستخدم بقايا اليهود لإعادة بناء القدس لتكون مقرا لملكه . وبقي اليهود في أرض بابل خارج أرض كنعان ، وقد سموها الداسبورا الأولى يعني التهجير الأول. واستمر حكم الفرس ما بين 530 و 331 قبل الميلاد فقهرهم الاسكندر الكبير وبعد موت الإسكندر سنة 323 قبل الميلاد ، قام جنرالاته بتقسيم الإمبراطورية. فأوجد سيلاسيوس حكمه في معظم أرض فلسطين حوالي 200 قبل الميلاد ، ويقال أنه سمح لليهود بممارسة طقوسهم الدينية ، ولكن جاء بعده ملك اسمه أنتيوخوس الرابع قام بمنع الديانة اليهودية في عام 167 قبل الميلاد ، فثار اليهود تحت قيادة المؤابيين وقيل أنهم أخرجوا السيلاسيين من فلسطين أو قاموا بحكم البلاد بصورة استقلالية ، وفي هذه الفترة جعلوا القدس عاصمتهم ، وكانوا تحت حماية الرومان ، ومن أتباعهم ، بناء على العلاقة بين جودا المؤابي والحكم الروماني سنة 164 قبل الميلاد حسب ما جاء في كتب التاريخ الرومانية.
وفي حوالي 61 قبل الميلاد قامت قوات رومانية تابعة للملك هيرود تحت قيادة بومبي، بغزو فلسطين او جوديا وأصبحت محمية تابعة للرومان، وتحت حكم قائد روماني من أتباع هيرود. وقسمت البلاد إلى ثلاثة أقسام ، جوديا والجليل وبيريا باللإضافة إلى المنطقة بعد نهر الأردن، وكانت كلها تابعة للحكم الروماني. وسمي وسط البلاد الذي يضم القدس وجوديا وفيها حسب العقيدة المسيحية ، ولد السيد المسيح في بيت لحم – جوديا في السنوات الأولى من حكم الرومان .
وقد شهدت السنوات 70 و132 و 135 بعد الميلاد انتفاضات من اليهود فقام الرومان بتهجير اليهود خارج القدس وسمى الرومان البلاد فلسطينا في تلك الأيام وفي اللغة الإنجليزية أصبح الإسم فلسطين مستمد من كتابات هيرودوتوس الذي استعمل الإسم فلسطين ليدل على المنطقة الواقعة جنوب سوريا . وقد تشرد أكثر اليهود وغادروا فلسطين بالقوة منذ ذلك الحين. وتعتبر هذه الهجرة الثانية لليهود ولكن اليهود استمروا في الوجود في مجموعات قليلة في الجليل المنطقة الشمالية من فلسطين ، وكانت فلسطين تحت حكم الرومان حتى القرن الرابع الميلادي فاحتلها البيزنطيون في الوقت الذي انتشرت فيه المسيحية في معظم قرى فلسطين ، وأعتنق بعض اليهود الدياانة المسيحية .
وفي القرن السابع الميلادي قامت جيوش العرب المسلمين باحتلال معظم المناطق التي تحيط بالبحر المتوسط بما فيها فلسطين ، وتم فتح القدس في عام 638 من قبل الخليفة عمر بن الخطاب ، الذي أعطى عهدا للمسيحيين واليهود لحمايتهم ، وبقيت فلسطين تحت الحكم الإسلامي حتى أوائل القرن العشرين أي ما يزيد على 1300 عاما كان فيها اليهود والمسيحيون يعيشون جنبا إلى جنب مع المسلمين وتحت حكم إسلامي .
خططت فرنسا وبريطانيا تقسيم التركة العثمانية بينهما فيما عرف باتفاق سايكس وبيكو عام 1916، ودعوا إلى أن تكون أجزاء من فلسطين تحت الإنتداب البريطاني. وأجزاء أخرى مشتركة بينهما وجزء ضم سوريا ولبنان إلى الحكم الفرنسي ، وكانت بريطانيا قد وعدت بالحفاظ على تطلعات العرب ومطالبهم في الإستقلال والتحرر من الحكم العثماني مقابل تعاونهم مع قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ، وكان العرب بقيادة شريف مكة الشريف حسين وقد قام البريطانيون بإنشاء شرق الأردن وأعطوها للملك عبدالله بن الحسين وأعطوا العراق لإبن عمه الملك فيصل، وحكم في سوريا الملك فيصل الأول. وكانت فلسطين قد أعدت سلفا لتكون وطنا لليهود فغيرت العملة والأوراق الرسمية باللغات الثلاث العربية والعبرية والإنجليزية . وبدأت تقلص من تنظيم الفلسطينيين وتجعل حياتهم صعبه لمغادرة البلاد ، وكان لتزايد الهجرة اليهودية دون قيود من أوروبا وعي بين الفلسطينيين على الخطر الصهيوني على بلادهم ، فكانت هناك انتفاضات وكانت إضرابات ، ولكن وجود السلطة البريطانية كدولة ملتزمة ببناء الوطن اليهودي في فلسطين فقد زادت من قبضتها على الرعايا الفلسطينيين ، ومدت الرعية اليهودية بالسلاح ، وكانت الصهيونية تعرف ما تريد وتنظم نفسها حسب أهدافها بينما كان الفلسطينيون دون سلاح ودون تنظيم فقد اعتمدوا على الحكومات العربية للمساعدة على دحر الصهيونية ، وكان هناك اتفاق مع الدول العربية بتقسيم فلسطين وإعطاء جزء لليهود وجزء لمصر والجزء الثالث لشرق الأردن ، وتم فعلا الاتفاق على ذلك ، وفي 1948 حين أصبحت إسرائيل دولة ذات سيادة لم يقبل الفلسطينيون ترك بلادهم ولكنهم أرغموا بعامل السلامة في الأرض العربية التي كانت تتآمر على وطنهم. فكان ما كان وتشرذم الفلسطينيون وعاشوا كلاجئين في أكثر من عشرين مخيما تقوم برعايتها هيئة الأمم. واعتبرت الدول العربية دول مضيفة بدلا من استيعاب الفلسطينيين كمواطنين. وكان ذلك من الأخطاء التي ارتكبها العرب تجاه الفلسطينيين ، واعتبروا غرباء في تلك البلاد فحرموا من الحنسية والتحرك من مكان إلى مكان آخر من أجل العمل، وما زال الحال في الدول العربية علما هو ، ومازال الفلسطينيون بلا هوية ، يقاسون العيش في بلاد أخرى لا يعتبرونهم في بعض الأحيان عربا مثلهم .
وقد استغل الفلسطينيون الفرصة الوحيدة لأبنائهم وهي التعليم فقد استغلوا سوء أحوالهم بالعناية بتعليم أبنائهم كعنصر أساسي في تحسين الأوضاع مستقبلا.
أهمية مؤتمر فندق بلتيمور في نيويورك عام 1942 لليهود؟
أعلنت الصهيونية أن بريطانيا عدوة للصهيونية لعدم التقيد بوعد بلفور وذلك لمنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين من أوروبا وقرروا محاربتها عن طريق الإرهاب الصهيوني فقاموا باغتيال اللورد موين في السادس من نوفمبر في القاهرة من قبل مجموعة إرهابية تدعى إلياهو حكيم وإلياهو بيتزوري ، وكان موين مناهض للصهيونية وكان وزير الخارجية البريطانية ، وهو الذي أصدر الورقة البيضاء عام 1939 التي تمنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالقوة ، وكان صديقا مقربا من ونستون تشرشل رئيس الوزراء ، مما جعل تشرشل يقف ضد الصهاينة . ولكن اغتيال موين لم يغير سياستها تجاه الهجرة اليهودية ، وتم اعتقال الجناة حكيم وبيزوري ومحاكمتهم ثم تم شنقهم عام 1945. وحين شعر الصهاينة بأن اغتيال موين قد يعكس الموقف البريطاني من وعد بلفور قاموا بحملة معادية ضد الإرغون وليهي عرفت بحملة سيزون بالعبرية حيث قامت الهاجاناه بالتضييق عليهم كما قامت باعتقال أكثر من ألف يهودي من العصابات وعذبوهم وسلموهم لبريطانيا ، وبعد الحرب مباشرة قامت الصهيونية بترويج ما يعرف بالهولوكوست على يد الألمان ونظرا لعدم وجود أي دولة تقبل باليهود فقد قاموا بلوم بريطانيا لعدم السماح بهجرة اليهود إلى فلسطين ، وكانوا يائسين من الهجرة إلى فلسطين لبقية اليهود بعد الهولوكوست وهم يبلغون 250 ألف يهودي، فتم إرسالهم إلى فلسطين في مخيمات خاصة كلاجئين .
**** الكاتب أستاذ سابق في عدد من الجامعات الأمريكية وعضو سابق في جمعية علماء الاجتماع الأمريكية واتحاد العلماء العرب والمسلمين . وحول الموضوع أنظر كتاب: Arab Palestinians and Jews: Sociological Approach, 2009 بالإنجليزية للمؤلف.