Two Minutes with Dr. Yahya: Tariq bin Ziyad
دقيقتان مع الدكتور يحيى : طارق بن زياد وفتح الأندلس
الجزء الأول : فتح الأندلس وخطبة طارق بن زياد
ضمن مشروع إحياء التراث العربي في المهجر الذي يتولى تمويله ورعايته الأديب الفلسطيني
الدكتور حسن عبدالقادر يحيى ، رعاه الله وغفر له !
www.arabamericanencyclopedia.com/
بسم الله الرحمن الرحيم ، والسلام عليكم ورحمة الله ، بعد
تكثر القصص والروايات عن هذا الحدث الجليل في أيام الدولة الأموية الأولى ، ومن المصادر ما قاله الحميدي في جذوة المقتبس إن موسى بن نصير ولي إفريقية والمغرب سنة سبع وسبعين فقدمها ومعه جماعة من الجند فبلغه أن بأطراف البلاد من هو خارج عن الطاعة فوجه ولده عبد الله فأتاه بمائة ألف رأس من السبايا ثم ولده مروان إلى جهة أخرى فأتاه بمائة ألف رأي وقال الليث بن سعد بلغ الخمس ستين ألف رأس وقال الصدفي لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير ووجد أكثر مدن إفريقية خالية لاختلاف أيدي البربر عليها وكانت البلاد في قحط شديد فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات وفرق بينها وبين أولادها فوقع البكاء والصراخ والضجيج وأقام على ذلك إلى منتصف النهار ثم صلى وخطب الناس ولم يذكر الوليد بن عبد الملك فقيل له ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال هذا مقام لا يدعى فيه لغير الله تعالى فسقوا حتى رووا ثم خرج موسى غازيا وتتبع البربر وقتل فيهم قتلا ذريعا وسبى سبيا عظيما وسار حتى انتهى إلى السوس الأدنى لا يدافعه أحد فلما رأى بقية البربر ما نزل بهم استأمنوا وبذلوا له الطاعة فقبل منهم وولى عليهم واليا واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري ويقال إنه من الصدف وترك عنده تسعة عشر ألفا من البربر بالأسلحة والعدة الكاملة وكانوا قد اسلموا وحسن إسلامهم وترك موسى عندهم خلقا يسيرا من العرب ليعلموا البربر القرآن وفرائض الإسلام ورجع إلى إفريقية ولم يبق بالبلاد من ينازعه من البربر ولا من الروم ولما استقرت له القواعد كتب إلى طارق وهو بطنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس فغزاها في اثني عشر ألف من البربر خلا اثني عشر رجلا وصعد على يوم الاثنين خامس رجب سنة اثنتين وتسعين وذكر عن طارق أنه كان نائما في المركب وقع التعدية فرأى النبي صلى الله عليه و سلم وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد هكذا ذكر ابن بشكوال .
وقيل إن موسى ندم على تأخره وعلم أن طارقا إن فتح شيئا نسب الفتح إليه دونه فأخذ في جمع العساكر وولى على القيروان ابنه عبد الله وتبع طارقا فلم يدركه إلا بعد الفتح وقال بعض العلماء إن موسى بن نصير كان عاملا شجاعا كريما تقيا لله تعالى ولم يهزم له قط جيش وكان والده نصير على جيوش معاوية ومنزلته لديه مكينة ولما خرج معاوية لصفين لم يخرج معه فقال له ما منعك من الخروج معي ولي عندك يد لم تكافئني عليها ، فقال لم يمكني أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري منك فقال من هو فقال الله عز و جل ، فأطرق مليا ثم قال أستغفر الله ورضي عنه.
ونرجع إلى أخبار طارق بن زياد ، فقد قال بعض المؤرخين كان لذريق ملك الأندلس استخلف عليها شخصا يقال له “تدمير” وإليه تنسب “تدمير” بالأندلس فلما نزل طارق من الجبل كتب “تدمير” إلى لذريق إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء هم أم من الأرض فلما بلغ لذريق ذلك وكان قصد بعض الجهات البعيدة لغزو له في بعض أعدائه رجع عن مقصده في سبعين ألف فارس ومعه العجل تحمل الأموال والمتاع وهو على سريره بين دابتين وعليه مظلة مكللة بالدر والياقوت والزبرجد فلما بلغ طارقا ، قام في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم حث المسلمين على الجهاد ورغبهم ومما قال :
(أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم! والعدو أمامكم! وأنتم أقرب إلى الأيتام في مأدبة اللئام ، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته وأقواته موفورة ، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم ، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمرا ذهبت ريحكم ، وتعوضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم ، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم ، بمناجزة هذا الطاغية فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة ، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت ، وإني لم أحذركم أمرا أنا عنه بنجوة ، ولا حملتكم على خطة أرخص متاع فيها النفوس، إلا وأنا أبدأ بنفسي ! واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلا ، استمعتم بالأرفه الألذ طويلا ، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي ، فما حظكم فيه بأوفى من حظي ، وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان من بنات اليونان الرافلات في الدر والمرجان والحلل المنسوجة بالعقيان ، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان ، وقد انتخبكم الوليد ابن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة صهارا وأختانا ، ثقة منه بارتياحكم للطعان ، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان ، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته ، وإظهار دينه بهذه الجزيرة ، وليكون مغنمها خالصة لكم من دونه ، ومن دون المؤمنين سواكم والله تعالى ولي إنجادكم على ما يكون لكم ذكرا في الدارين ، واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه ، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق ، فقاتله إن شاء الله تعالى فاحملوا معي فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره ولم يعوزكم بطل عاقل تسندون أموركم إليه ، وإن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه ، واحملوا بأنفسكم عليه واكتفوا الهم من فتح هذه الجزيرة بقتله فإنهم بعده يخذلون ). انتهت الخطبة وتم بعدها فتح الأندلس.
وقد كان أثر الخطبة كبيرا على الجنود السامعين فبعدما فرغ من تحريض أصحابه على الصبر في قتال لذريق وأصحابه وما وعدهم من الخير الجزيل انبسطت نفوسهم وتحققت آمالهم وهبت رياح النصر عليهم وقالوا له قد قطعنا الآمال مما يخالف ما عزمت عليه فاحضر إليه فإننا معك وبين يديك فركب وأصحابه فباتوا ليلتهم في حرس إلى الصبح فلما أصبح الفريقان تكتبوا وعبوا جيوشهم وحمل لذريق وهو على سريره وقد حمل على رأسه رواق ديباج يظلله وهو مقبل في غابة من البنود والأعلام وبين يديه المقاتلة والسلاح وأقبل طارق في أصحابه عليهم الزرد من فوق رؤوسهم العمائم البيض وبأديهم القسي العربية وقد تقلدوا السيوف واعتقلوا الرماح فلما نظر إليهم لذريق حلف وقال إن هذه الصور هي التي رأيناها ببيت الحكمة ببلدنا فداخله منهم الرعب فلما رأى طارق لذريق قال هذا طاغية القوم فحمل وحمل أصحابه معه فتفرقت المقاتلة من بين يدي لذريق فخلص إليه طارق فضربه بالسيف على رأسه فقتله على سريره فلما رأى أصحابه مصرع صاحبهم اقتحم الجيشان وكان النصر للمسلمين ولم تقف هزيمة العدو على موضع بل كانوا يسلمون بلدا بلدا ومعقلا معقلا .
وحول خبر بيت الحكمة بالأندلس قول لذريق إن هذه الصور هي التي رأيناها في بيت الحكمة إلخ اشار به إلى بيت حكمة اليونان وكان من خبره فيما حكى بعض علماء التاريخ أن اليونان وهم الطائفة المشهورة بالحكم كانوا يسكنون بلاد الشرق قبل عهد الإسكندر فلما ظهرت الفرس واستولت على البلاد وزاحمت اليونان على ما كان بأيديهم من الممالك انتقل اليونان إلى جزيرة الأندلس لكونها طرفا في آخر العمارة ولم يكن لها ذكر إذ ذاك ولا ملكها أحد من الملوك المعتبرة ولم تك عامرة وكان أول من عمر فيها واختطها أندلس بن يافث بن نوح عليه السلام فسميت باسمه ولما عمرت الأرض بعد الطوفان كانت الصورة المعمورة منها عندهم على شكل طائر رأسه المشرق والجنوب والشمال رجلاه وما بينهما بطنه والمغرب ذنبه وكانوا يزدرون المغرب لنسبته إلى أخس أجزاء الطير وكانت اليونان لا ترى فناء الأمم بالحروب لما فيها من الأضرار والاشتغال عن العلوم التي كان الاشتغال بها عندهم من أهم الامور فلذلك انحازوا من بين يدي الفرس إلى الأندلس فلما صاروا إليها أقبلوا على عمارتها فشقوا الانهار وبنوا المعاقل وغرسوا الجنات والكروم وشيدوا الأمصار وملؤوها حرثا ونسلا وبنيانا فعظمت وطابت حتى قال قائلهم لما رأى بهجتها إن الطائر الذي صورت هذه العمارة على شكله وكان المغرب ذنبه كان طاووسا معظم جماله في ذنبه . وفي الجزء التالي نحدثكم عن قصة الحكماء اليونانيين الذين حكموا الأندلس قبل وصول جيوش الفتح بقيادة طارق بن زياد إن شاء الله تعالى!
Read the writer’s 200 books HERE or Here
أقرأوا للكاتب بعضا من 200 كتابا هنا أو هنا وشكرا .والله يرعاكم .
Arab American Encyclopedia-AAE
أنا على يقين أنكم إذا زرتم هذه المواقع ستجدون ما يسركم ويعجبكم من الكتب النافعة
والمحببة إلى نفوس القراء والقارئات العرب في المهاجر، وشكرا جزيلا للمساهمين في هذا المشروع النبيل

الكاتب المعجزة
عربي أردني من فلسطين
www.hasanyahya.com