Two Minutes with Dr. Yahya: Civil Society
دقيقتان مع الدكتور يحيى : مؤسسات المجتمع العربي المدني
Philosophy of Arab Manifesto
ضمن مشروع النهضة العربية
الدكتور حسن يحيى: أستاذ علم الاجتماع المقارن سابقا
Hasan Yahya, Ph.ds. Former professor of comparative sociology
هل هناك مجتمع مدني حديث في العالم العربي؟ وهل هناك مؤسسات مدنية بالمعنى المفهوم في بلاد الغرب؟
أولا المجتمع العربي استهلاكي وليس صناعيا لذا فإن مشروعية العلمية للمجتمع المدني ليست موجودة أصلا، وذلك يعني أن سيطرة القواعد والمؤسسات التقليدية المتوارثة ثقافيا وحضاريا تعتمد على موروث المشروعية الملتصقة بالدين وتقديس التراث إلى حد العيادة، وهذه بنيويا تشكل عائقا
في تغيير الشأن المجتمعي إلى الشأن الفردي، لسبب بسيط هو أن هذا الشأن المجتمعي يشكل نمطا ونظاما (باعتباره كامل الصفات) من العادات والتقاليد والأخلاقيات والسلوكيات، وحتى القوانين تكون مكلسة لخدمة السلطات لا الجماهير، كما أنه يحدد العلاقات بين الناس كأفراد والمجتمع الكبير الذي يعيشون فيه، وهذا التراث يصل إلى حالة التجمد الطويل الأمد تاريخيا على الأقل ، بحيث يصعب تغييره وإن حصل لم يكن التغيير جذريا . لأن عوامل التغيير للتحديث وإنشاء المؤسسات المجتمعية على أسس علمية وإدارية صحيحة حتى تحقق نجاحا ، تستخدم نفس القوالب والطقوس التراثية للتغيير الجزئي أو الكلي في أي مشروع شبه حضاري أو حضاري، لأن المشاريع الحضارية مقولبة في غير المقدس أو التدين ويشكل عائقا في طريق الحداثة العصرية، ولعل الأنظمة التعليمية تقع في صدر العقائد التراثية التي تؤمن بالوضع الراهن أفضل من التغيير، والوضع الراهن علميا ناقص الأهلية لتغير الظروف والعوامل التي تدفعه للتغيير إلى الأفضل.
والمجتمع العربي من حيث الأملاك للثروة والأراضي ليس مجتمعا زراعيا وليس مجتمعا صناعيا حتى نستطيع القول أن هناك طبقة فلاحين واسعة أو طبقة برجوازية أوطبقة عمال كما الحال في تفسير ماركس لتطور الحتمية التاريخية وقيام التغيير من أنظمة تقليدية متكلسة عبر الزمان ومحدودة عبر المكان ونقل هذه الأنظمة عبر الثورات التي عرفها التاريخ قديما وحديثا ، وما في الوطن العربي شرقا وغربا إلا أنظمة وطبقات السلطة كبرجوازية تابعة للحكومات التقليدية ولكنها لا تشكل بأي حال طبقة اقتصادية ولا طبقة عاملة منتجة على مستوى رفيع من الإتقان، بحيث يمكن التعويل عليها في عملية التحديث دون استخدام الدين كوسيلة لتعمية البشر من الجماهير التي تسعى لتحسين أوضاعها . وهذه الطبقات تطفو مع الحكومات التقليدية والعشائرية على سطح البنية العربية الأقتصادية وتهتز باهتزازات أنظمة العالم الرأسمالي ومطالبه خاصة نظام الولايات المتحدة الأمريكية .

الكاتب الأديب العربي الفلسطيني
http://www.hasanyahya.comالدكتور حسن يحيى
اولا يمكننا تصور وجود لمؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي حسب معلومات المفكرين وثقافتهم العلمية والبحثية ، لأن المؤسسات تحتاج إداريين وأخلاقيين ومتخصصين في تسيير الأعمال حسب حاجات الشعوب لا حاجات الحكومات
والسلاطين، وحسب مقاييس العقل الفعالة وليس مقاييس التراث التقليدي التي تستمد وتعتمد على العنجهية الطبقية والمحسوبية الوضع الراهن وهنا ندخل في عالمين مختلفين أحدهما عالم المركزية وعالم اللامركزية في إدارة المؤسسات واتخاذ القرارات لخدمة البنى التحتية في المجتمعات خاصة في مجالات التدريب العملي نفسيا واجتماعيا وقانونيا حيث تقوم الإتحادات والنقابات لفئات التخصص في المجتمع لتكفل وظائف لسد الحاجات وتوفيرها على مجال واسع يشمل فئات المجتمع أو طبقاته على أسس علمية وإدارية حديثة ومن أهم هذه الحاجات الأساسية مكونات الطعام والشراب والملبس والمأوى والصحة والمواصلات والاتصالات، ولا يوجد في العالم العربي مؤسسات تخلصت من سطوة المشروعية الدينية التي تحلل وتحرم وتأمر بما يجب أن يكون ، لا ما يكون حسب الواقع والحاجة ، كناية عن الواقع المعاش ودراسة مشاكلة ووضع الحلول المناسبة لذلك الواقع . وفي هذا المجال يكاد يجمع علماء الاجتماع الغربيون منهم والشرقيون على أن العالم العربي لا يزال يحبو على أربع في مضمار الحداثة وذلك لارتباط المؤسسات القبلية والحكومية بالطاعة العمياء في إداراتها وقراراتها وسياساتها قصيرة الأجل أو طويلة الأجل ، ومعظم الإدارات فيها تابعة في الحلول والقرارات وليست مبتكرة أو مبدعة وبصفة أخرى أنها لا تتبع مقاييس علمية في البحث عن أسباب القضايا أو المشكلات التي تتصدى لها نظرا لتقديسها الوضع الراهن وإصرارها على مقاومة التغيير . وبهذه الصورة فإن الأنظمة السياسية تشجع استمرار هذه المؤسسات بل وترقي مدرائها والقائمين عليها وتزرع الواسطة والمحسوبية (وهما نافذتان واسعتان لانتشار الفساد) في معاملاتها وقراراتها ، وتتخذها مطية للحكم المطلق وتنفيذ سياساته في حكم البشر . بل وتتمادى في كبح رغبات الشعوب التي تحترق من أجل التغيير لهذه المؤسسات حتى تقوم بتقديم الخدمات على أسس علمية وقانونية لا على أسس المحسوبية والجهل والعشائرية البغيضة والتراثية التقليدية المتجمدة كقوالب الثلج في عبواتها. كما أنها لا تؤيد أي تغيير في الأوضاع الراهنة لأن التغيير معناه الشرعية المدنية السياسية القائمة على حرية الانتخاب والتصويت وحرية الرأي والتعبير والخروج عن السرب إذا احتاجت الشعوب للمساعدة وتقويم المسارات الفاسدة والمعطلة لقيام مؤسسات المجتمع المدني الحديث سواء منها المؤسسات الثقافية أو المجتمعية من نقابات واتحادات أو الوقوف أمام استمرار أنماط الاستبداد بالمراكز التي تقررها السلطة والحكومات بعيدا عن القانون وتنفيذا لقوانين الطاعة والولاء للسلطات . ولا أريد أن أعطي صورة حالكة السواد حول المؤسسات المدنية العربية ولكنها في تأسيس رئاستها ووضع قوانينها وتسيير أمورها تحاول التقليد في هذا المجال المؤسسات المدنية في بلاد الغرب، وشتان بين مؤسسات قمعية تقليدية لا تحترم حقوق الإنسان أو تفرق بين المواطنين ولا تستقل برأي وتتبع رأي الأقلية في إدارة قراراتها دون استشارات أو دراسات علمية ودون فحص دقيق للمشاكل اليومية كما نراها في بلاد العرب ، وبين مؤسسات قائمة على مشروعية علمية تجسد حاجات البشر في بلاد الغرب ويشترك في قراراتها مجلس استشاري متخصص كما تجسد فئات الشعب في دولة حديثة يحكمها القانون ويتمتع مواطنوها بالحرية والمساواة والعدالة حسب القوانين النابعة من الدستور العام. والإنسان العادي يستطيع الحكم على المؤسسات الخيرية وهي التي توصف بأنها تطوعية، في بلاد العرب ، كما يمكنه الحكم على المؤسسات المدنية من خلال تعامله معها وهي تتخذ المعرفة الشخصية والوسائط والوصولية والمحسوبية وعدم احترام الإنسان كبشر ، حتى في تأسيس النقابات والاتحادات وتزوير نتائج الانتخابات إذا سمح بها أساسا لقيامها واختيار مديريها . كل ذلك يكاد ينفي أن البلاد العربية تتمتع بمؤسسات مدنية خالية من الغش والفساد والتبعية وتقديس المدنس .
www.arabamericanencyclopedia.com
@Hasan Yahya, Michigan, April 2013
** Note for readers: If you liked this, please let other people know about it. You may contact the writer using this site. Thank you!